måndag 11 februari 2008

ثلاثة في مهب الريح


ثلاثة في مهب الريح
كان يا ما كان في زمان مازال كما كان ، ثلاثة اصدقاء اسمائهم كما تقرأون على الترتيب ، ماضي وحاضر ومستقبل .
حضر حاضر حيث يجتمعون مكان يدعى هامش التفكير . ولكل منهم فيه مقعد. جلس حاضر في مقعده ومن فوقه ضوء خافت ، مكتئبا ، ومختنقا؛ يكاد يبكي . نظر الى جواره ؛ فوجد ماضي لم يبارح مكانه ، مازال يحمل فوق أكتافه غباره ، يضيء ما بين يديه الشموع .

قال حاضر : كل يوم انظراليك احاول أن أجد ما يهون علي مصائبي ولكن لا جديد لا جديد .
يصيح من ذلك الركن البعيد المظلم صوت يقول : متى أنتم قادمون ؟ متى أنتم قادمون ؟
حاضر : اخرس يا مستقبل .. ويضحك ماضي : كنت أقولها لك ذات يوم .
ذلك هو حال الثلاثة في كل يوم ماضي وحاضر ومستقبل .
احدهم مازال يلبس عباءة الامجاد وتفوح منه روائح الاجداد . وآخر يرى أنه لم يعد يكفيه هذا الظاهر ليهون عليه مصابه في يومه . وآخر مازال في الغيب ينادي وينتظر ..
بصراحة لم يعجبني حال الثلاثة . فنظرت الى موضوع القصة ورأيت أنه يقول ثلاثة في مهب الريح . فاخترت أن ارى اي مهب للريح هم فيه .

سألت الجميع اين يقع مهب الريح . فقالوا اتتحدثالانجليزية الفصحى قلت لهم لا فقط العامية .. قالوا تكفي وتفي . خذ سيارة لوحاتها ( مجدا تليدا بأيدينا أضعناه ). هي من ماركة ( المصالح الاستراتيجة ) . انطلق بها سالكاَ طريق ( الحاكم بأمرهم ) ، وانعطف يسارا في جزيرة الدوران ( فان دارت رحانا مع رحاهم طحناهم ...) . سيكون هناك منتصبا تمثال ( معمر ابومنيار ) . واستمر حتى تمر من تحت نفق ( العولمة ) . واصعد مرة أخرى على جسر ( حوار الحضارات ) . سيكون هناك كشك صغير عنوانه ( السيف أصدق إنباءا من الكتب ) . سينقلك الجسر الى أحد الأحياء القديمة يدعى ( ومن لم يحكم بما أنزل ...؟) .. ستجد ازقة صغيرة تحمل أسماء ( القائد المفكر ) ( القائد المنتصر ) ( صقر افريقيا ) اتركها جميعا على يسارك وأسأل عن مكان ( يا أمة ضحكت من جهلها الأمم ) ستجد هناك ما تريد ...
أطرقت الفكر قليلا وقلت . كان بامكانكم ان تختصروا وتقولوا . اركب عجلة الحضارة واذهب الى ما يسمى اليوم لدى الآخرين بمزبلة التاريخ ..
وصلت وكان المكان مزدحما .. وكان الجو مشتحنا . صالات فوق صالات واشخاص في صفوف متأنقين . وكل منهم يحمل حقيبة دبلوماسية .. يصيح كل شخص فيهم انا اندد وامد يدي . وآخر يقول ان امد رجلي وعنقي وازيد شجبا واستنكارا .. وعلى الجدار مؤشر الاسهم والاسعار فيرتفع سهم هذا مرة وسهم ذاك في مرة أخرى ... يرمي كل منهم اوراق تحمل وجوه اطفال وشيوخ ونساء .. كأنها شيكات ..
التقطت عدة شيكات .. وجلست اقرأ الامضاءات
الشيك الاول يصرف لصالح / القائد المفكر وصقر افريقيا معمر ابومنيار مبلغ / ............ ( دون تحديد او تنصيص )التوقيع / إرادة الشعب الليبي المضطهدة.
الشيك الثاني يصرف لصالح / مجرم السلام وحمامة الدمار معمر ابومنيار مبلغ / مليون طن من الدماء فقط لا غير... التوقيع / خزينة الشعب الليبي.
الشيك الثالث يصرف لصالح / إبناء الشهداء واليتامى والفقراء مبلغ / تراب وماء ورغيف كل مساء ...التوقيع / اللجان الثورية.
الشيك الرابع يصرف لصالح / النمو والازدهار وتنمية الشعوب مبلغ / ما تبقى في الخزائن والجيوب إن تبقي شيء ... التوقيع / مصارف ليبيا وعوائد النفط المسروقة.
علمت إنني قد وصلت الى بورصة العالم الثالث ..إخدت اتطلع وابحث عن من يدلني الى وجهتي فالكل منشغل هذا يبيع أهله وطنه وذاك يبيع كرامة وطنه واخرون يبيعون كل ما ارتبط بانسانية الشعب الليبي وحقه المضمون بالعيش وتقرير المصير .. لم أجد الا رجل عجوز توجهت اليه ولكنه لم يتحرك لوحت بيدي أمام عينيه ولم ترمش عيناه صحت فيه ولم يسمع .. كان كالحجر لا ينطق ولا يتحرك .. ثم انتبهت الى صدره وقد علق لوحة كتب فيها (ارجوا عدم ازعاج الضمير ) وتحت هذه الجملة وفي حضن الرجل وجدت صندوقا فيه اوراق .. مكتوب على غطاء الصندوق .. خذ خريطة وكن مرشد نفسك في مهذا المبنى .. وكتب على كل خريطة كيف تدل طريقك في عالم الجهل والضلالة ..
قرأت ووجدت أن مهب الريح هو في آخر الأدوار كالقبو ليس له مدخل الا سلم مهتريء الادراج .. نزلته بحذر .. حتى وصلت الى غرفة كتب عليها .قسم الأرشيف مغلقة بسبب عدم القدرة على الاستيعاب .. وبجانب هذه الغرفة لوحة تشير الى انني قد وصلت الى وجهتي ... من هنا مهب الريح دخلت الغرفة وعلى احد جدران الغرفة كتب هنا هامش التفكير اليومي لليبين وكنت ما ازال اسمع الاصوات ...
لا جديد لا جديد اخرس اخرس متى انتم قادمون ..
تلمست الجدران فأضات النور وكان قابسا يحمل اسم(كَـمَـا تَـكُـونُـوا يُـولَّـى عَـلَـيْـكُـم ) ولان الجو كان حارا جدا اشغلت جهاز التكييف وكان من ماركة ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) عرفت ان مهب الريح هو حيث نجعل للتفكير هامشا نهرب اليه وحيث نفقد القدرة على ان نمد ايدينا الى حيث قوابس التغيير
..

Inga kommentarer: